نص مداخلة رئيس منظمة الشفافية الشاملة، محمد ولد غدة أمام المحكمة…
تانيد ميديا: بسم الله الرحمن الرحيم
السيد الرئيس
منظمتنا، منظمة الشفافية الشاملة، هي منظمة مرخصة كمؤسسة مكافحة للفساد. مثل بقية منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم، تركز منظمتنا على خلق بيئة شعبية معادية للفساد، وذلك أساساً من خلال كشف عمليات الفساد بشكل صاخب بغية لفت انتباه المواطنين إلى خطورته وخلق رأي عام حازم وضغط ضد ظواهر الإفلات من العقاب.
ولم تقم منظمتنا في هذا الإطار إلا بدورها الذي منحه لها المشرع وهو كشف الفساد طبقاً للقانون رقم 040/2015، كما تنص المادة 6: تلتزم الدولة بتعزيز الشراكة مع المجتمع المدني والقطاع الخاص في مجال مكافحة الفساد عبر:
تعزيز القدرات الفنية والمؤسسية والتنظيمية للمجتمع المدني لجعله أكثر كفاءة للقيام بدوره كسلطة بديلة نزيهة وكفؤة وأداء مهمته في مجال يقظة المواطن والكشف عن أعمال وممارسات الفساد مهما كان مصدرها.
وقد حرصنا على دقة كل ما يصدر عنا من خلال إثباته بالوثائق الصحيحة، كما هو الحال هنا في هذا الملف المعروض أمامكم.
دقة ومهنية تقارير المنظمة
السيد الرئيس،
لقد تناولنا في ملحقنا الثالث صفقة التراضي رقم (2020/ (MHA/DHB/M006/0026 التي ركزنا فيها على الممر الصاعد لأنه يمثل 85% من مبلغ الصفقة (700 مليون)، إذ لم نعثر على الممرات الأربعة التي تمثل 15% الباقية (115 مليون فقط)، وذلك ربما لأننا بحثنا عنها من خلال أعمدة الإنارة التي كان يجب أن تكون مغروسة فوقها حسب بيانات الصفقة، ولأنّه أيضًا لا يوجد طريق واضح المعالم يمكن أن يدل عليها.
وقد كتبنا في التقرير مرتين أننا لم نعثر عليها، وكان ذلك بغرض تحري الدقة فيما تنشره المنظمة وليس خشية من تقديم شكاية ضدنا. ولم نهتم بعدم عثورنا عليها لأنّ نسب التضخيم العالية جدًا جدًا في الممر الذي تم فوترته بـ 700 مليون أوقية قديمة (وهي أفعال مجرمة بالمادة التاسعة من قانون الفساد) تكفي لوحدها، وهي جديرة بالكشف بشكل صاخب يلفت انتباه المجتمع وهو ما يدخل في صميم صلاحيات المنظمة طبقاً للمادة السادسة من قانون 040/2015.
لقد كنا على يقين تام من أنّ وثائقنا صحيحة وأنّ الصفقة لم يجر عليها أي تغيير، حيث:
أولاً: أنّها مسجلة لدى جميع مراكز التوثيق الرسمية وآخرها تسجيلها لدى إدارة ممتلكات الدولة.
ثانياً: أنّنا كنا أيضًا متأكدين من أنّ المبلغ المخصص لها قد سُحب، وذلك من خلال الموقع الإلكتروني الرسمي للصندوق الفرنسي الذي مولها.
ثالثاً: أنّنا نملك نسخًا من جميع المحاضر التي أصدرتها لجنة رقابة الصفقات من المحضر رقم: N 5/CNCMP/2020 بتاريخ 29/01/2020 إلى المحضر رقم: N 23/CNCMP/2020 بتاريخ 29/04/2020 ولم يرد في هذه المحاضر إجراء أي تغيير على هذه الصفقة.
رابعًا: لإطلاعنا على كافة القوانين المنظمة للصفقات (المتوفرة لدينا في مقر المنظمة) والتي تنص على:
1. أنه لا يمكن إجراء تغييرات على الصفقة إلا من خلال ملحق توافق عليه لجنة رقابة الصفقات وأنّ هذه التغييرات يجب أن تكون طفيفة، المادة 40 والمادة 65 من المرسوم 126/2017 تجدونها مرفقة.
2. أنّ التغييرات التي يمكن إجراؤها على الصفقات لا يمكنها تغيير أهداف الصفقة طبقاً للمادة 65 من نفس المرسوم.
3. أنّ أهداف الصفقة تم تحديدها في المادة 3 من العقد الموقع وقد حددت بـ: الممر الصاعد والمعابر الأربعة فقط لا غير.
ولكن بعد صدور التقرير عقدت الشركة الشاكية مؤتمراً صحفياً حددت فيه مكان وجود المعابر وهددت بتقديم شكاية للقضاء. فبعثت المنظمة مهندسين متخصصين لمعاينة المعابر الأربعة والممر الصاعد وإجراء خبرة هندسية متكاملة. وقد أكدت هذه الخبرة الهندسية أنّ نسبة التضخيم في الممرات الأربعة التي لم نعثر عليها أولا كبيرة جدًا هي الأخرى حيث أنّ قيمة هذه الأشغال هي 20 مليون فقط بدلاً من 115 مليون تمت فوترتها، وما أ ضافته الخبرة الهندسية هو ان أن الجزء القليل الذي تم إنجازه من الأسمنت المسلح كان مغشوشا بشكل فاضح، ولم يتجاوز سمكه 15 سم بدلا من 25 سم المنصوص عليها فنيا، وتلك مخالفة جديدة تتعلق بالغش الهندسي الذي يعرض المنشآت للانهيار. أما في ما يتعلق بادعاء وجود أعمدة الانارة داخل المخازن بدل تثبيتها فلا يمكن تفسيره الا باحتمال واحد وهو انه تم شرائها و وضعها هناك بعد صدور تقريرنا، فكيف يمكن تفسير مبرر الطرف الشاكي بوجود بعض الأشغال التي قد تتلفها و ذالك لان الأشغال الموجودة حاليا بدأت فقط في سنة 2023 اي بعد ثلاث سنوات من تسلم الصفقة موضوع التقرير فكيف يتم شراء أضواء بأسعار مضاعفه و على سبيل الاستعجال اذا كان سيتم و ضعها في مخزن حتى يبدأ المشروع الموالي بعد ثلاث سنوات و ينتهي بعد ثلاث أخرى أو أكثر.
من ناحية أخرى الإضاءة منصوص على تركيبها ويشمله السعر و ليس و ضعها في المخازن واذا صدقنا هذا الادعاء جدلا لماذا لا يتم تركيب الإضاءة على المرارات فهي ليست بجانب الأشغال المستقبلية افتراضا
من جهة ثانية وعلى العكس من المبرر فالإضاءة مهمة جدا لتأمين ورشات الاشغال وتساعد كذلك في عمليات التزويد والأشغال الليلية وفي كل أنحاء العالم تتم الإضاءة بالأعمدة قبل الشروع في الأشغال وهي ليست عرضة للتلف لأنها مرتفعة ومركبة على جوانب الممر المؤدي للأشغال فقط. تجدون هذه الخبرة الهندسية طي الملف.
ونودّ لفت انتباهكم، السيد الرئيس، إلى أنّ كشف الفساد بشكل عام وعلني هو هدف المنظمة وواجبها. وتدقيق المبالغ المختلسة ليس شرطاً، ومع ذلك، فعدم عثور المنظمة على أشغال بقيمة 20 مليون من أصل 813 مليون تقاضتها الشركة الشاكية بالإضافة إلى 150 مليون حصلت عليها كإعفاء من الضرائب، لا يمكن اعتباره جريمة للمنظمة ولا يعفي الأطراف الأخرى من جرائمها.
عبثية التحقيق
أولاً: في ما يتعلق بفحص الأدلة
السيد الرئيس،
من المعروف في مجال الصفقات أنّ المبلغ الإجمالي لأي صفقة يتأتى من جدول الكميات والأسعار DQE) ) وأنّ ذلك الجدول مكون على أساس خانتين:
1. خانة الكميات، ولا يمكن ملأها بشكل عشوائي بل يتم تحديد الكميات فيها عن طريق احتساب الكميات النهائية من مخططات الدراسة الفنية وجداول حساباتها وتحدد هذه الكميات بشكل دقيق ونهائي وتكون في الصفحات الأخيرة من الدراسة الفنية تحت عنوان ”Totalisation” أي المجاميع.
2. خانة الأسعار، ويتم تحديدها إما بالتفاوض في حالة صفقات التراضي، أو عن طريق أخفض الأسعار المقدمة في حالة المناقصات.
وهذا أمر بديهي من المفروض أن تدركه شرطة الجرائم الاقتصادية والنيابة العامة.
والدراسة التنفيذية التي قدمها الطرف الشاكي أكدت تورطه في الفساد حيث أنّ الكميات التي توجد بها لا تتجاوز قيمة الأشغال فيها 200 مليون أوقية قديمة. وإذا أضفنا إلى قيمة هذه الأشغال المحددة بشكل دقيق قيمة الأضواء بصفتها مقتنيات وليست أشغال، مع العلم أنها لم ترَكَّب، يصبح الجميع 275 مليون أوقية طبقاً للأسعار التعاقدية كما تبين الورقة الفنية طي الملف.
وعليه، فهذا أكبر دليل على الفساد البين من الناحية النظرية الموثقة. أما من الناحية الواقعية، فالمنجز على الأرض ينهاز 100 مليون فقط كما تبين الخبرة الهندسية طي الملف. ولكن التحقيق تجاهل الوثائق بشكل مخل وقام بتوجيه التهم!!
ثانياً: تصديق فرية الـ39 كلم الوهمية
في مثولي الأول أمام قاضي التحقيق قبل إحالتي إلى السجن، أخبرته أنّ الطرف الشاكي قال أمام الشرطة والنيابة إنه أنجز طريقًا بطول 39 كلم وأنّ الممر الصاعد ليس سوى جزءًا بسيطًا منها وأنّه لديه وثائق لذلك بطيّ الملف. وطلبت من القاضي نسخة من جميع الوثائق التي يتحدث عنها الطرف الشاكي.
في اليوم التالي، تسلمت مخططات تابعة للدراسة التنفيذية التي يتحدث عنها الطرف الشاكي، ولكن حجبت عني خلاصتها والكميات النهائية المستخلصة منها. وكانت المفاجأة بعد تفحص “الدليل” المقدم ضدنا هي أنّ الدراسة التنفيذية لا يوجد فيها سوى الأشغال المتعلقة بالممر الصاعد والمعابر الأربعة بالإضافة إلى محورين لا يتجاوز طولهما مئات الأمتار. وما تضمنته الدراسة فقط هو استبدال التربة الرخوة في هذين المحورين وتكلفته زهيدة جدًا حيث حددتها الدراسة ب ….. متر مكعب.
بعد مثولي أمام قاضي التحقيق بطلب مني في يوم أبريل ……، بعدها فقط أخرج لي القاضي بقية وثائق الدراسة التي تم حجبها عني، وكانت من ضمنها ورقة المجاميع التي تحدد فيها جميع الكميات النهائية.
وحيث أنّ الدراسة التنفيذية لا تتضمن إلا الممر الصاعد والمعابر الأربعة، فلماذا تم تصديق فرية إنجازه لـ39 كلم في العريضة الفاتحة للدعوى؟
وحيث أنّ الطرف الشاكي قدم معاينة من عدل منفذ قام بمعاينة الأشغال، فلماذا لم يأت بأي صور أو حتى آثار تدل على هذه الطريق، ولكن على العكس من ذلك فقد أكد روايتنا نحن حيث لم يذكر في خلاصة معاينته إلا المعابر الأربعة والممر الصاعد، فلماذا إذًا تم تصديق فرية 39 كلم؟
ثالثًا: تمويه الفساد وتجاهل القانون
السيد الرئيس،
قدمت الشركة جدول كميات جديد ولم تستطع تقديم أي وثيقة يمكن أن تضفي عليه أي نوع من الشرعية، فليس له محضر من لجنة الصفقات يجيز هذه التعديلات المزعومة، وليس متطابقًا مع الكميات النهائية الموجودة في الدراسة التنفيذية، ولو أنه كان متطابقًا معها لكان مبلغه 275 مليون فقط، وهو مخالف بل ومتناقض تمامًا مع المادة 40 من قانون الصفقات.
الجدول DQE المزور يثبت الفساد
جدول الكميات والأسعار الذي قدمه الطرف الشاكي هو جدول مزور يراد منه تحويل المبالغ المختلسة عن طريق التضخيم في الأسمنت المسلح والتربة في الممر الصاعد، ونقل المبالغ المختلسة إلى المعابر الأربعة الصغيرة، وذلك أيضًا من خلال تضخيم الأسمنت المسلح في هذه المعابر وإضافة بنود جديدة لا وجود لها على أرض الواقع ولا في كميات الدراسة التنفيذية.
الجدول المزور لا علاقة له بالدراسة التنفيذية. فجميع الكميات التي تنبغي فوترتها طبقاً للخلاصة النهائية لهذه الدراسة، وذلك عن طريق ضربها في الأسعار المتفق عليها بين الطرفين، لا تزيد قيمتها على 275 مليون أوقية قديمة. وهذا الجدول زاد على ذلك بمبلغ 560 مليون مقسمة بين التضخيم والأشغال الوهمية، وذلك من خلال تحويل قيمة الاختلاس من السلسلة 100 في (DQE) إلى السلسلة 200 بطريقة مكشوفة.
ومع ذلك، فجدول الكميات والأسعار المزور يحتوي على نفس القدر من الاختلاس، عن طريق التضخيم تارة والنفقات الوهمية تارة أخرى. والاختلاف فقط هو أن الاختلاس نقل من عناصر في الجزء الأول إلى عناصر في الجزء الثاني وتم الاحتفاظ بنفس المبلغ في المجموع النهائي، مع أنه تم العبث بالمحتوى، وذلك بغرض الغش، لكيلا يكون المبلغ الجديد، إن تم تغييره، منافياً للمبلغ الأصلي في محضر المنح من اللجنة المركزية لمراقبة الصفقات.
الجدول المزور مناقض للقانون
هذا الجدول الذي أسماه قاضي التحقيق بجدول الأسعار النهائي، لا تاريخ له ولم توقعه الوزيرة ولم يمر عبر لجنة مراقبة الصفقات طبقاً للمادة 65، حيث تمتلك المنظمة نسخاً من هذه المحاضر على امتداد الأشهر الثلاثة من المحضر رقم N 5/CNCMP/2020 بتاريخ 29/01/2020 إلى المحضر رقم N 23/CNCMP/2020 بتاريخ 29/04/2020، والتي هي مدة المشروع، تجدونها مرفقة.
ومن حيث المبدأ، لا يمكن لجنة مراقبة الصفقات إجازة التعديلات التي قامت بها الأطراف الثلاثة المتورطة في الفساد لأنها نسف نهائي للصفقة الأصلية من خلال فوترة عناصر جديدة وهمية وبأسعار جديدة لم يتم الاتفاق عليها في الصفقة الأصلية. شملت هذه التعديلات الجديدة أكثر من 66% من أصل الصفقة، وهو ما يحتم قانوناً إبرام صفقة جديدة طبقاً للمادة 40 من المرسوم القانوني رقم 126.